أخبار وطنية حملة وينو البترول: تحسيسية أم تحريضية؟
إثر انتشار حملة «وينو البترول» المطالبة بالكشف عن حقيقة المخزون النفطي «الضخم» الذي أخفته الحكومات المتعاقبة على الشعب، تدخلت بعض الشخصيات الحزبية للتنديد بهذه الحملة التي تهدد استقرار البلاد. وفيما لاحظ بعض المحللين السياسيين أن حركة النهضة سارعت بتنظيم اجتماعات في الجنوب التونسي بحضور زعيمها راشد الغنوشي الذي نفى صحة وجود البترول محذرا من تلك الحملات، فإنهم انتقدوا تعامل الحزب الأغلبي الحاكم أي نداء تونس مع هذه التحركات وعدم تنظيمه لأية تظاهرات توعية للتصدي لهذا التحرك المريب طالما أن أغلب التونسيين يسعون لمعرفة الحقيقة الكاملة.
بشرى بلحاج حميدة: حركة نداء تونس تنبذ الممارسات القمعية
في البداية، اتصلنا بالقيادية بحركة نداء تونس والنائبة بمجلس الشعب بشرى بلحاج حميدة، فصرحت أن حركة نداء تونس مهتمة ـ عكس ما يروج له البعض ـ بالأوضاع الاجتماعية للشعب التونسي وتسعى إلى معالجتها، مؤكدة أن الحزب الأغلبي الحاكم يعالج مشاكل التونسيين ويحاول الاقتراب منهم من مستوى حكومي ونيابي وكذلك حزبي.
وأضافت بلحاج حميدة أن طريقة نداء تونس في التعامل مع الحملة الجارية قوامها احترام حرية التعبير والرأي من ناحية وتكريس مبدأ الشفافية وكشف الحقائق لكل التونسيين من ناحية أخرى، مشيرة إلى أن الأطراف التي تقف وراء الحملة الممنهجة هدفها إثارة البلبلة في صفوف المواطنين واستغلال الأزمة الاقتصادية والاجتماعية لملء رؤوسهم بالأوهام والإشاعات.
وفي معرض حديثها جددت المتحدثة تشديدها على أن حركة نداء تونس التي تنتمي إليها لا تتعامل مع التونسيين بمنطق الإقصاء والتهميش بل على العكس تنبذ كل هذه الممارسات القمعية وتكفل حق كل مواطن في معرفة الحقائق التي يتساءل عنها في ما يخص الثروات الطبيعية وذلك عبر آليات قانونية ومراسيم تضمن لهم التمتع بكل معلومة يريدونها.
خالد شوكات: سؤال «وينو البترول» سخيف
أما النائب والقيادي بحركة نداء تونس خالد شوكات فقد كشف لنا بأنه توجه خلال الأيام الماضية إلى القصرين وإلى عدة ولايات من الجنوب التونسي على غرار قابس ومدنين وذلك للتواصل مع مواطنيها والتناقش معهم حول مطالبهم الاجتماعية، معتبرا أن حركة نداء تونس لا تواجهها أية مشاكل في ما يخص التعامل مع عموم المواطنين والناخبين وستكون لها خلال الأيام القادمة مجموعة زيارات ميدانية لعدد من الجهات خاصة في مناطق الجنوب والشمال الغربي والوسط الغربي.
من ناحية أخرى، فنّد شوكات أن يكون الحزب الأغلبي لا يتواصل مع التونسيين إلا خلال فترة الانتخابات فقط، مؤكدا أن نداء تونس حزب مازال يعنى بترتيب المسار الحكومي الانتقالي والتحالفات القائمة وترتيب البيت الداخلي له وفق تعبيره، خاصة وهو يعيش على وقع أزمة داخلية طبيعية يمر بها أي حزب يمر إلى الحكم ويترك فراغا سياسيا في صفوفه يتوجب ملؤه..
أما في ما يتعلّق بموقفه من حملة «وينو البترول»، فصرّح خالد شوكات بأن هذا السؤال قد تبين برأيه أنه سخيف، قائلا «كان من المفروض أن يُسأل: أين هو العلم؟ أين هو الذكاء؟ وأين هي النظافة؟.. عوضا عن سؤال وينو البترول؟ الذي يغذي ثقافة التكاسل والخمول..»
وأضاف أنه كان يفترض على مساندي ومنظمي هذه الحملة أن يراعوا الوضع الحساس والهش الذي تعيش على وقعه تونس خاصة من الناحية الأمنية حيث نعلم أنها الناجية الوحيدة من لهيب النار الذي يجتاح المناطق القريبة منها والتي شبهها «ببرميل بارود»، وأشار إلى أن الذي يهدف إلى إثارة النعرات والجهويات والتفرقة سيكتوي بحرّ النار التي يتلاعب بها.
مهدي بن غربيّة يُطالب الصيّد بمصارحة الشعب ثم الاستقالة
بدوره استنكر النائب مهدي بن غربية حملة وينو البترول؟ قائلا بأنّه لا يجب استغلال الظروف المعيشية للتونسيين لتحقيق مكاسب شعبوية. ودعا رئيس الحكومة الحبيب الصيد بمصارحة الشعب التونسي ثم الاستقالة إذا لم يتلق الدّعم من الأحزاب الفائزة في الانتخابات.
واعتبر بن غربية أنّ التونسيين انتخبوا 4 أحزاب ولم يختاروا شخص الحبيب الصيد، ما يدفع ضرورة هذه الأحزاب إلى تحمل مسؤوليتها وعدم تحميل رئيس الحكومة تبعات كل الأخطاء.
وبين بن غربية في تصريح إذاعي أنّه من الطبيعي التساؤل عن ثروات البلاد من خلال حملة وينو البترول؟، معبرا عن تفهمه للتحركات الشبابية بسبب واقع البطالة والتهميش ومطالبا الأطراف السياسية التي تمّ انتخابها بالتحلي بالمسؤولية والجرأة السياسية والتواصل مع الشعب.
زياد لخضر: حملة «وينو البترول» شعبوية ويمكن أن تكون خطيرة..
كما صرّح النائب بمجلس النواب والقيادي بالجبهة الشعبية زياد لخضر بأن حملة «وينو البترول» التي أطلقت مؤخرا حملة شعبوية وتتضمن عديد المغالطات، قائلا انه رغم امتلاك تونس لجملة من الثروات الطبيعية إلا أنها ليست ببلد بترولي كالجزائر أو ليبيا أو الكويت.
وأضاف محدثنا بأنه يتوجب تعديل كل القوانين المتعلقة بمجلة المحروقات والطاقة بناء على ما جاء في الفصل 13 الذي ينص على أن الثروات الطبيعية ملك للشعب التونسي تمارس الدولة السيادة عليها باسمه، مشيرا إلى أن هذا العمل يتطلب جهدا عميقا ووقتا مطوّلا لتطبيقه.
ومن ناحية أخرى شدد لخضر على ضرورة اللجوء إلى القضاء والمحكمة وتشكيل لجان تحقيق في صورة ما ثبت وجود إخلالات وشبهات فساد في ما يخص ملف الطاقة والعقود المبرمة في ذلك المجال، وذلك حتى تتحمل كل الأطراف المورطة مسؤولياتها.
واعتبر بأن الحديث عن هذه الحملة دون وجود أدلة توثق مزاعم داعميها يعتبر شأنا خطيرا قد يدفع بالبلاد إلى ما لا تحمد عقباه، وقال إن الثورة الحقيقية هي ذكاء التونسي وثمرة جهده وسعيه الحثيث.
أما في ما يخص الجولة التي قام بها زعيم حركة النهضة إلى جهات الجنوب مؤخرا محاولة منه لتهدئة الأوضاع والحد من حالة الاحتقان الاجتماعي، فقد اعتبر زياد لخضر بأن الغنوشي ذهب للجنوب قصد ضبط قواعده وأنصاره وتأطيرهم وتهدئتهم وكذلك لتذكيرهم بأن حزبهم أصبح صلب النظام الحاكم وممارسا للسلطة. في المقابل أشار إلى أن عدم تصرّف حركة نداء تونس بالمثل يرجع إلى تأكده بأن أنصاره وقواعده ليسوا بالمساندين والداعمين لهذه الحملة.
الخبير الاقتصادي معز الجودي: حملات خطيرة تقود البلاد إلى الهاوية
أما من الناحية الاقتصادية فقد علّق الخبير معز الجودي على حملة ما يسمى بـ«وينو البترول»، قائلا إنّ هذه الحملة ممنهجة وسياسية بامتياز حيث تقف وراءها جهات سياسية معروفة بإنتمائها إلى حزب المؤتمر.
وأفاد الجودي بأنه من السذاجة والسخافة أن نعتقد بأن تونس دولة بترولية ولها ثروات طبيعية هامة لا يتم
استغلالها كما يقال، مشيرا إلى أن هذه الحملات هي جدّ خطيرة وتقود البلاد الى هاوية لا تحمد عقباها وتذكرنا بسيناريو الحملات التي انطلقت قبل الانتخابات والتي حاولت تقسيم الشعب التونسي والبلاد إلى جنوب وشمال.
وأضاف محدثنا بأن الأطراف الداعمة لهذه الحملة والتي أوردت تصريحات مغالطة للرأي العام حول ملف البترول في تونس ستساهم من خلالها في فقدان عامل ثقة المواطن التونسي باقتصاده الوطني وتغذية ثقافة العنف والخمول في وقت تحتاج فيه بلادنا إلى مزيد الدفع والعمل حتى يعود الاستثمار والاستقرار.
في المقابل أفاد الخبير الاقتصادي بأنه لا اشكال في التأكيد بأن تونس تمتلك نسبة من الثروات الطبيعية المتمثلة في الفسفاط والموارد المنجمية والغاز والنفط، لكنها بالطريقة المحدودة والمعلن عنها من قبل السلطات المختصة والهياكل الدولية التي تمتلك خارطات تثبت بأن تونس ليست بدولة بترولية كالكويت أو السعودية ومن بين هذه الهياكل ذكر «الوكالة الدولية للطاقة وصندوق النقد الدولي.»
واعتبر محدثنا أن الكميات التي تمتلكها تونس من النفط محدودة للغاية وليست من الدرجة الأولى حيث تذهب اغلبها إلى الاستهلاك بعد عملية التكرير وبالتالي نلجأ إلى استيراد النفط من دول أجنبية حتى نوفر حاجياتنا منه، مشيرا إلى أن تكلفة استخراج النفط باهظة جدا تصل إلى حدود 100 مليون دولار وهو ما لا يمكن للدولة تحمله حتى من الناحيتين التقنية والبشرية للتنقيب عنه, وفق تعبيره.
اعداد: منارة تليجاني